اهتم القرآن بالفرد والمجتمع على حد سواء، دون إلحاق الضرر بأي منهما،
لكنه وحفاظاً على بنية الجماعة قدم المصلحة العامة حال تعارضها مع المصلحة الخاصة،
شريطة التعويض لصاحب الملكية الخاصة.
ونظرة القرآن هذه هي نظرة صائبة،
لأن المصلحة العامة تنعكس شيئاً فشيئاً على المصالح الخاصة، فتحميها أو ترعاها على المدى البعيد.
وهذا التعادل والتوازن هو محور وسطية الإسلام، كما قال تعالى:
{وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}
قال الشاطبي في الموافقات:
((والقاعدة المقررة في موضعها أنه إذا تعارض أمر كلي وأمر جزئي فالكلي مقدم؛
لأن الجزئي يقتضي مصلحة جزئية،والكلي يقتضي مصلحة كلية،
يـــنـــخــرم نظام في العالم بانخرام المصلحة الجزئية، بخلاف ما إذا قُدّم اعتبار المصلحة الجزئية،
فإن المصلحة الكلية ينخرم نظام كليتها))
وما أروع الكلمة التي ذكرها ابن القيم في كتابه (أعلام الموقعين) حين قال:
(الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، فكل مسألة خرجت من العدل إلى الجور،
وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث،